فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{لا ينفع} على التذكير: نافع وحمزة وعلي وخلف وعاصم {تتذكرون} بتاء الخطاب: عاصم وحمزة وعلي وخلف.
{ادعوني أستجب} بفتح الياء: ابن كثير.
{سيدخلون} من الإدخال مجهولًا: ابن كثير ويزيد وعباس ورويس وحماد وأبو بكر غير الشموني {شيوخًا} بكسر الشين: ابن كثير وابن عامر وحمزة وعلي وهبيرة والأعشى ويحيى وحماد.

.الوقوف:

{الأشهاد} o لا لأن {يوم} يدل من الأول {الدار} o {الكتاب} o لا {الألباب} o {والأبكار} o {أتاهم} لا لأن ما بعده خبر إن {ما هم ببالغيه} ج لاختلاف الجملتين {بالله} ط {البصير} o {لا يعلمون} o {ولا المسيء} ط {يتذكرون} o {لا يؤمنون} o {أستجب لكم} ط {داخرين} o {مبصرًا} ط {لا يشكرون} o {شيء} لا لئلا يوهم أن ما بعده صفة شيء وخطؤه ظاهر {إلا هو} ز لابتداء الاستفهام ورجحان الوصل لفاء التعقيب ولتمام مقصود الكلام {يؤفكون} o {يجحدون} o {الطيبات} ط {العالمين} o {الدين} o {العالمين} o {شيوخًا} ج لاختلاف الجملتين {تعقلون} o {ويميت} ج لأجل الفاء مع الشرط {فيكون} o {في آيات الله} ط لانتهاء الاستفهام وابتداء آخر {يصرفون} o ج لاحتمال كون {الذين} بدلًا من الضمير في {يصرفون} {رسلنا} قف إن لم تقف على {يصرفون} {يعلمون} o لا لتعلق الظرف {والسلاسل} ط لأن ما بعده مستأنف. وقيل: {والسلاسل} مبتدأ والعائد محذوف أي والسلاسل يجرون بها في الحميم {يسجرون} o ج للآية مع العطف {من دون الله} ط {شيئًا} ط {الكافرين} o {تمرحون} o {خالدين فيها} ج {المتكبرين} o {حق} o {للشرط} مع الفاء {يرجعون} o {نقصص عليك} ط {بإذن الله} ج {المبطلون} o {تأكلون} o ز للآية مع العطف وشدّة اتصال المعنى {تحملون} o ط لأن ما بعده مستأنف ولا وجه للعطف.
{تنكرون} o {من قبلهم} ط للفصل بين الاستخبار والأخبار {يكسبون} o {يستهزؤن} o {مشركين} o {بأسنا} الثاني ط {في عباده} ج لأن الفعل المعطوف عليه مضمر وهو سن {الكافرون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)} اعلم أن في كيفية النظم وجوهًا الأول: أنه تعالى لما ذكر وقاية الله موسى صلوات الله عليه وذلك المؤمن من مكر فرعون بين في هذه الآية أنه ينصر رسله والذين آمنوا معه والثاني: لما بين من قبل ما يقع بين أهل النار من التخاصم وأنهم عند الفزع إلى خزنة جهنم يقولون {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بالبينات} [غافر: 50] أتبع ذلك بذكر الرسل وأنه ينصرهم في الدنيا والآخرة والثالث: وهو الأقرب عندي أن الكلام في أول السورة إنما وقع من قوله: {مَا يجادل في ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ في البلاد} [غافر: 4] وامتد الكلام في الرد على أولئك المجادلين وعلى أن المحقين أبدًا كانوا مشغولين بدفع كيد المبطلين، وكل ذلك إنما ذكره الله تعالى تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتصبيرًا له على تحمل أذى قومه.
ولما بلغ الكلام في تقرير المطلوب إلى الغاية القصوى وعد تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن ينصره على أعدائه في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين ءامَنُواْ} الآية، أما في الدنيا فهو المراد بقوله: {في الحياة الدنيا} وأما في الآخرة فهو المراد بقوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} فحاصل الكلام أنه تعالى وعد بأنه ينصر الأنبياء والرسل، وينصر الذين ينصرونهم نصرة يظهر أثرها في الدنيا وفي الآخرة.
واعلم أن نصرة الله المحقين تحصل بوجوه أحدها: النصرة بالحجة، وقد سمى الله الحجة سلطانًا في غير موضع، وهذه النصرة عامة للمحقين أجمع، ونعم ما سمى الله هذه النصرة سلطانًا لأن السلطنة في الدنيا قد تبطل، وقد تتبدل بالفقر والذلة والحاجة والفتور، أما السلطنة الحاصلة بالحجة فإنها تبقى أبد الآباد ويمتنع تطرق الخلل والفتور إليها وثانيها: أنهم منصورون بالمدح والتعظيم، فإن الظلمة وإن قهروا شخصًا من المحقين إلا أنهم لا يقدرون على إسقاط مدحه عن ألسنة الناس وثالثها: أنهم منصورون بسبب أن بواطنهم مملوءة من أنوار الحجة وقوة اليقين، فإنهم إنما ينظرون إلى الظلمة والجهال كما تنظر ملائكة السموات إلى أخس الأشياء ورابعها: أن المبطلين وإن كان يتفق لهم أن يحصل لهم استيلاء على المحقين، ففي الغالب أن ذلك لا يدوم بل يكشف للناس أن ذلك كان أمرًا وقع على خلاف الواجب ونقيض الحق وخامسها: أن المحق إن اتفق له أن وقع في نوع من أنواع المحذور فذلك يكون سببًا لمزيد ثوابه وتعظيم درجاته وسادسها: أن الظلمة والمبطلين كما يموتون تموت آثارهم ولا يبقى لهم في الدنيا أثر ولا خبر.
وأما المحقون فإن آثارهم باقية على وجه الدهر والناس بهم يقتدون في أعمال البر والخير ولمحنهم يتركون فهذا كله أنواع نصرة الله للمحقين في الدينا وسابعها: أنه تعالى قد ينتقم للأنبياء والأولياء بعد موتهم، كما نصر يحيى بن زكريا فإنه لما قتل به سبعون ألفًا، وأما نصرته تعالى إياهم في الآخرة فذلك بإعلاء درجاتهم في مراتب الثواب وكونهم مصاحبين لأنبياء الله، كما قال: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مّنَ النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
واعلم أن في قوله: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} إلى قوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} دقيقة معتبرة وهي أن السلطان العظيم إذا خص بعض خواصه بالإكرام العظيم والتشريف الكامل عند حضور الجمع العظيم من أهل المشرق والمغرب كان ذلك ألذ وأبهج فقوله: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا إلى وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} المقصود منه هذه الدقيقة، واختلفوا في المراد بالأشهاد، والظاهر أن المراد كل من يشهد بأعمال العباد يوم القيامة من ملك ونبي ومؤمن، أما الملائكة فهم الكرام الكاتبون يشهدون بما شاهدوا، وأما الأنبياء فقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاء شَهِيدًا} [النساء: 41] وقال تعالى: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] قال المبرد يجوز أن يكون واحد الأشهاد شاهدًا كأطيار وطائر وأصحاب وصاحب، ويجوز أن يكون واحد الأشهاد شهيدًا كأشراف وشريف وأيتام ويتيم.
ثم قال تعالى: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سُوء الدار} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر لا تنفع بالتاء لتأنيث المعذرة والباقون بالياء كأنه أريد الاعتذار.
واعلم أن المقصود أيضًا من هذا شرح تعظيم ثواب أهل الثواب، وذلك لأنه تعالى بيّن أنه ينصرهم في يوم يجتمع فيه الأولون والآخرون، فحالهم في علو الدرجات في ذلك اليوم ما ذكرناه وأما حال أعدائهم فهو أنه حصلت لهم أمور ثلاثة أحدها: أنه لا ينفعهم شيء من المعاذير ألبتة وثانيها: أن {لَهُمُ اللعنة} وهذا يفيد الحصر يعني اللعنة مقصورة عليهم وهي الإهانة والإذلال وثالثها: سوء الدار وهو العقاب الشديد فهذا اليوم إذا كان الأعداء واقعين في هذه المراتب الثلاثة من الوحشة والبلية، ثم إنه خص الأنبياء والأولياء بأنواع التشريفات الواقعة في الجمع الأعظم فهنا يظهر أن سرور المؤمن كم يكون، وأن غموم الكافرين إلى أين تبلغ.
فإن قيل قوله: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ} يدل على أنهم يذكرون الأعذار إلا أن تلك الأعذار لا تنفعهم فكيف الجمع بين هذا وبين قوله: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] قلنا قوله: {لاَّ تَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ} لا يدل على أنهم ذكروا الأعذار، بل ليس فيه إلا أنه ليس عندهم عذر مقبول نافع، وهذا القدر لا يدل على أنهم ذكروه أم لا.
وأيضًا فيقال يوم القيامة يوم طويل فيعتذرون في وقت ولا يعتذرون في وقت آخر، ولما بين الله تعالى أنه ينصر الأنبياء والمؤمنين في الدنيا والآخرة ذكر نوعًا من أنواع تلك النصرة في الدنيا فقال: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الهدى} ويجوز أن يكون المراد من الهدى ما آتاه الله من العلوم الكثيرة النافعة في الدنيا والآخرة، ويجوز أن يكون المراد تلك الدلائل القاهرة التي أوردها على فرعون وأتباعه وكادهم بها، ويجوز أن يكون المراد هو النبوّة التي هي أعظم المناصب الإنسانية، ويجوز أن يكون المراد إنزال التوراة عليه.
ثم قال تعالى: {وَأَوْرَثْنَا بَنِى إسرائيل الكتاب هُدًى وذكرى لأُوْلِى الألباب} يجوز أن يكون المراد منه أنه تعالى لما أنزل التوراة على موسى بقي ذلك العلم فيهم وتوارثوه خلفًا عن سلف، ويجوز أن يكون المراد سائر الكتب التي أنزلها الله عليهم وهي كتب أنبياء بني إسرائيل التوراة والزبور والإنجيل، والفرق بين الهدى والذكرى وأن الهدى ما يكون دليلًا على الشيء وليس من شرطه أن يذكر شيئًا آخر كان معلومًا ثم صار منسيًا، وأما الذكرى فهي الذي يكون كذلك فكتب أنبياء الله مشتملة على هذين القسمين بعضها دلائل في أنفسها، وبعضها مذكرات لما ورد في الكتب الإلهية المتقدمة.
ولما بيّن أن الله تعالى ينصر رسله وينصر المؤمنين في الدنيا والآخرة وضرب المثال في ذلك بحال موسى وخاطب بعد ذلك محمدًا صلى الله عليه وسلم فقال: {فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} فالله ناصرك كما نصرهم ومنجز وعده في حقك كما كان كذلك في حقهم، ثم أمره بأن يقبل على طاعة الله النافعة في الدنيا والآخرة فإن من كان لله كان الله له.
واعلم أن مجامع الطاعات محصورة في قسمين التوبة عما لا ينبغي، والاشتغال بما ينبغي، والأول مقدم على الثاني بحسب الرتبة الذاتية فوجب أن يكون مقدمًا عليه في الذكر، أما التوبة عما لا ينبغي فهو قوله: {واستغفر لِذَنبِكَ} والطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام يتمسكون به ونحن نحمله على التوبة عن ترك الأولى والأفضل، أو على ما كان قد صدر عنهم قبل النبوة، وقيل أيضًا المقصود منه محض التعبد كما في قوله: {رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ} [آل عمران: 194] فإن إيتاء ذلك الشيء واجب ثم إنه أمرنا بطلبه، وكقوله: {رَبّ احكم بالحق} [الأنبياء: 112] من أنا نعلم أنه لا يحكم إلا بالحق، وقيل إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول فقوله: {واستغفر لِذَنبِكَ} من باب إضافة المصدر إلى المفعول أي واستغفر لذنب أمتك في حقك، وأما الاشتغال بما ينبغي فهو قوله: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ بالعشى والإبكار} والتسبيح عبارة عن تنزيه الله عن كل ما لا يليق به، والعشي والإبكار، قيل صلاة العصر وصلاة الفجر، وقيل الإبكار، عبارة عن أول النهار إلى النصف، والعشي عبارة عن النصف إلى آخر النهار، فيدخل فيه كل الأوقات، وقيل المراد طرفا النهار، كما قال: {وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَىِ النهار} [هود: 114] وبالجملة فالمراد منه الأمر بالمواظبة على ذكر الله، وأن لا يفتر اللسان عنه، وأن لا يغفل القلب عنه، حتى يصير الإنسان بهذا السبب داخلًا في زمرة الملائكة، كما قال في وصفهم {يُسَبّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20]، والله أعلم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} ويجوز حذف الضمة لثقلها فيقال: {رُسْلَنَا} والمراد موسى عليه السلام.
{والذين آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا} في موضع نصب عطف على الرسل، والمراد المؤمن الذي وعظ.
وقيل: هو عام في الرسل والمؤمنين، ونصرهم بإعلاء الحجج وإفلاحها في قول أبي العالية.
وقيل: بالانتقام من أعدائهم.
قال السدي: ما قَتَل قوم قط نبيًا أو قومًا من دعاة الحق من المؤمنين إلا بعث الله عز وجل من ينتقم لهم، فصاروا منصورين فيها وإن قُتِلوا.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} يعني يوم القيامة.
قال زيد بن أسلم: {الأَشْهَادُ} أربعة: الملائكة والنبيون والمؤمنون والأجساد.
وقال مجاهد والسدي: {الأَشْهَادُ} الملائكة تشهد للأنبياء بالإبلاغ وعلى الأمم بالتكذيب.
وقال قتادة: الملائكة والأنبياء.
ثم قيل: {الأَشْهَادُ} جمع شهيد مثل شريف وأشراف.
وقال الزجاج: {الأَشْهَادُ} جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب.
النحاس: ليس باب فاعل أن يجمع على أفعال ولا يقاس عليه ولكن ما جاء منه مسموعًا أُدِّي كما سمع، وكان على حذف الزائد.
وأجاز الأخفش والفراء: {وَيَوْمَ تَقُومُ الأَشْهَادُ} بالتاء على تأنيث الجماعة.
وفي الحديث عن أبي الدرداء وبعض المحدثين يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ردّ عن عِرْض أخيه المسلم كان حقًا على الله عز وجل أن يردّ عنه نار جهنم» ثم تلا: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ}.
وعنه عليه السلام أنه قال: «من حمى مؤمنًا من منافق يغتابه بعث الله عز وجل يوم القيامة مَلَكًا يحميه من النار ومن ذكر مسلمًا بشيء يشينه به وقفه الله عز وجل على جسر من جهنم حتى يخرج مما قال» {يَوْمَ} بدل من يوم الأوّل.
{لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ} قرأ نافع والكوفيون {يَنْفَعُ} بالياء.
الباقون بالتاء.
{وَلَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سواء الدار} {اللَّعْنَةُ} البعد من رحمة الله و{سُوءُ الدَّارِ} جهنم.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الهدى} هذا دخل في نصرة الرسل في الدنيا والآخرة أي آتيناه التوراة والنبوة.
وسميت التوراة هدى بما فيها من الهدى والنور؛ وفي التنزيل: {إِنَّآ أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44].
{وَأَوْرَثْنَا بني إِسْرَائِيلَ الكتاب} يعني التوراة جعلناه لهم ميراثًا.
{هُدًى} بدل من الكتاب ويجوز بمعنى هو هدى؛ يعني ذلك الكتاب.
{وذكرى لأُوْلِي الألباب} أي موعظة لأصحاب العقول.
قوله تعالى: {فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين، كما صبر من قبلك إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ بنصرك وإظهارك، كما نصرت موسى وبني إسرائيل.
وقال الكلبي: نسخ هذا بآية السيف.
{واستغفر لِذَنبِكَ} قيل: لذنب أمتك حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقيل: لذنب نفسك على من يجوّز الصغائر على الأنبياء.
ومن قال لا تجوز قال: هذا تعبد للنبي عليه السلام بدعاء؛ كما قال تعالى: {وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا} [آل عمران: 194] والفائدة زيادة الدرجات وأن يصير الدعاء سنة لمن بعده.
وقيل: فاستغفر الله من ذنب صدر منك قبل النبوة.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعشي والإبكار} يعني صلاة الفجر وصلاة العصر؛ قاله الحسن وقتادة.
وقيل: هي صلاة كانت بمكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غُدْوة وركعتان عشيّة.
عن الحسن أيضًا ذكره الماوردي.
فيكون هذا مما نسخ والله أعلم.
وقوله: {بِحَمْدِ رَبِّكَ} بالشكر له والثناء عليه.
وقيل: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي استدم التسبيح في الصلاة وخارجًا منها لتشتغل بذلك عن استعجال النصر. اهـ.